الاهلي الان

Thursday, October 8, 2009

اخلاق الحضارات: مقالة وصلتني





 تقدم الطفل ذو الملامح الغربية إلى المحاسب في البوفِيْه ، و بدأ حديثه باللهجة الغربية :"Excuse me sir, can I have one French fries, one iced strawberry juice and a bottle of water please!"
 
ليتبعه مباشرةً طفلٌ آخر يملي طلباته :"يا محمد .. عطنا واحد همبرجر و واحد بطاط و واحد ببسي ، هاه !!"
 
كنت أقف خلفهما منتظراً دوري ، بل كنت شاهداً على صراع الحضارات الثقافي أعلاه ، الحضارة الغربية والحضارة الشرقية .. صراعٌ في مخيلتي فجره طفلان لم يبلغا العاشرة من العمر ، و دون حتى أن يشعرا بذلك ..طرقت برهة من الزمن ..
 
 و في رأسي عشرات الأسئلة ، لم أكن أبحث عن إجاباتٍ لها بقدر ما كنت أحاول ترتيب عشوائيتها ، أسئلةٌ يصب بعضها في التربية و بعضها في الدين ، و الآخر في الآداب .تضمنت كلمات الطفل الغربي عباراتٍ مثل : عفواً .. سيدي .. لو سمحت .. في حين لم يكن من الطفل
 
"ابن البلد" إلا أن بدأ حديثه بِـ "يا محمد" ، قالها كأسلوب نداءٍ رسمي و معتبر ، و أتبع ذلك بأوامر عدةٍ كما لو كان العامل مملوكاً له .لا زلت أجهل السر وراء استخدام كلمة "محمد" كاسمٍ لكل من هو غير معلومٍ لدينا من العمالة الأجنبية ،
 
 مع أن الله سبحانه و تعالى فضل نبيه "محمداً" - صلى الله عليه وآله وسلم - على العالمين ، ولا أظن أن امتهان اسمه بهذا الشكل أمرٌ مقبول ، بل لماذا لا يَعتَبِر كل واحدٍ فينا أن العامل يحمل نفس اسمه هو ، ألن يعتبر ذلك انتقاصاً لذاته ؟؟ربما من الأجدى لنا إضافة تلك الطريقة في النداء إلى اللغة العربية ،
 
 و نخصص استخدامها للمنادى النكرة بالنسبة لنا .. ليس تقليلاً من شأن العامل الأجنبي لا سمح الله ، إنما من باب أنها الطريقة المثلى المزعومة لمناداة أي عامل لا نعرف اسمه ، و من دون الأخذ بعين الاعتبار أصله أو ديانته ..
 
أسلوب الطفل "ابن البلد" المتسم بالفظاظةِ ، و التي كانت تكفي لزخرفة العبارة أعلاه بعناصر من الرق والعبودية ، فيه من التهجم و التهديد ما يكفي لعقف حاجبي العامل و غضبه من الطفل ، فلم يكن محتوياً حتى على أقل كلمات الطلب شأناً مثل "ممكن" ، و الأدهى من ذلك أن ينهي عبارته بـ "هاه"
 
و التي لم أجد ما يعادلها في اللغة العربية أو حتى في آداب التحدث مع الناس .شيءٌ يدعو إلى التأمل حقاً ، أن يكون الطفل الغربي أكثر تأدباً من الطفل الشرقي ، و أن يكون أكثر تمسكاً بتلك الآداب حين الحديث مع الأغراب بغض النظر عن وظائفهم ..
 
و أن يكون الطفل الشرقي مثالاً لنقيض ذلك ..شيءٌ يبعث على الخجل ، أن يكون لدينا القرآن الكريم و سنة نبيه المصطفى - عليه وعلى آله أفضل الصلاة و التسليم - و لا نتذكر قوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (*)
 
، أن يُبعثَ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ليتمم مكارم الأخلاق ، ونحن نستمر في الإعراض عن كل ذلك .قبل سنواتٍ قليلة فقط ، قامت قائمتنا ولم تقعد عندما أساء الغرب لنبينا الكريم ، ولم نحرك ساكنين أمام كل الابتذالات التي تحصل بشكل يومي منا و من غيرنا ،
 
و أعلنا مقاطعة منتجاتهم و لم نفكر في إصلاح نتاجنا الشخصي و الفكري قبل ذلك ، أحرقنا أعلامهم و لم نعتقد بوجوب التخلص من جهلنا أولاً .وصل دوري بينما كنت غارقاً في خضم كل تلك التساؤلات ،
 
 فلمحت الطفل الغربي يأخذ طلبه و يقول :"Thank you sir."
 
وقبل أن أبدأ التفوه بطلبي سمعت الطفل "ابن البلد" يقول :"وين الكتشب ياخي .. ايش فيك انت!!
 
"ارتسمت على شفتي ابتسامة ، ربما لأن لدي طفلاً أبسط حقوقه علي هو زرع مكارم الأخلاق فيه ..(*) سورة القلم ،آية (4)



Windows Live Hotmail: Your friends can get your Facebook updates, right from Hotmail®.

Keep your friends updated— even when you're not signed in.

No comments:

Engageya

موقع و دليل موجز مصر